Movie
Series
Books
Paintings
Anime
Interviews
Theater
Login
 
Contact Us
 
الأدميرال لا يحب الشاي
BY الروائي نزار عبدالستار
8.3
المقال
سيرة ذاتية
Share
×
Article
«الأدميرال لا يحب الشاي» وشركة الهند الشرقية البريطانية ضحى عبدالرؤوف المل تعمّد الروائي نزار عبدالستار في روايته «الأدميرال لا يحب الشاي» الصادرة عن «دار الساقي» إزاحة الكليشهات المتعارف عليها في الأعمال الروائية الدارجة، وتحقيق صدمة لمفاهيمنا الأخلاقية عن التجارة في موضوع يعد الأول من نوعه على مستوى الرواية العربية. شخصية الأدميرال عزيز لانكستر، وهو من أصول عراقية وهندية، ولد وتربى في لندن ثم أرسله متبنيه الإنكليزي تشارلز لانكستر إلى الهند، كي يجني الثروات، باعتباره ابنا شرعيا لشركة الهند الشرقية البريطانية، التي بسطت نفوذها على منطقة البنغال في الهند، هذه الشخصية ذات الاطوار الغريبة، هي محور الرواية فبعد تاريخ طويل من الإجرام وقيادة تجارة الأفيون التي تصدّر خفية إلى الصين في خطوة لتدمير التنين النائم، نجد الأدميرال ينال عقوبة النفي إلى البصرة في جنوب العراق، ومن هناك تبدأ مرحلة جديدة في حياة الأدميرال، حين يقرر إجبار سكان البصرة على شرب الشاي بدل القهوة التي تحتكرها هولندا في العراق، ليحقق بذلك المكاسب المادية ويستعيد روحه الإجرامية التي تمسك بها لعقود خدمة للتاج البريطاني. تكشف لنا الرواية عبر أحداثها الحقيقة الاجرامية في موضوع احتكار التجارة بين الشرق والغرب، وكيف أن شركة الهند الشرقية البريطانية كانت تجارتها الأساس زراعة وتصدير الأفيون، لا تجارة التوابل والمنسوجات. كل ما يتصل بعزيز لانكستر هو مزيف وخادع، فهو يقتل الأدميرال الفرنسي رينيه ديدور ويستولي على بدلته حبا بالرتبة العسكرية التي حرم منها، لأن أصوله عربية ونراه يتمسك بوهم إنكليزيته، فيمعن في الوفاء للتاج البريطاني ما دفع الملكة فيكتوريا إلى تخليصه من عقوبة الإعدام ونفيه إلى البصرة، التي هي موطن أصوله العربية. الرواية وهي تتبع عزيز في تحولاته، تعرف القارئ بالتاريخ الدموي للشركات التجارية، وكيف صنع الرخاء الأوروبي على حساب القهر الإنساني وعذابات الشعوب الآسيوية. رواية «الأدميرال لا يحب الشاي» ليس فيها أي انتقاص أيديولوجي، بل إن جمالياتها اللغوية ومتانة سردها وتوازنها الموضوعي، يجعلها رواية على درجة عالية من الاتقان ومنفتحة على المعارف الإنسانية التي جاء بها القرن التاسع عشر. عزيز لانكستر وإن بدا شخصية كوميدية متعلقة ببدلة بحرية تحتاج لمن يهتم بها، هو اللاعب الحقيقي للجانب الإنكليزي، الذي يجسد دور التاجر الجديد. فعنوان الرواية يحمل في مدلولاته مسار الشخصية التي لا تحب الشاي، وبالتالي لا تحب الإنكليز رغم التأثير العالمي لتجارة الشاي الذي يشربه الإنكليز في الخزف الصيني، ضمن طقوس ما زالت تحمل الكثير من الولع البريطاني تحديداً، فما أهمية حرب الأفيون في رواية تُبرز الوجوه السياسية المخفية في تجارة تحمل في طياتها البُعد المأساوي، ألا وهو تجارة الشاي؟ أم أنه يُقدم وجها تاريخيا لحروب ربما تُشن علينا الآن من حيث لا نشعر، وكأننا نحتسيها مع كوب من الشاي، أو فنجان قهوة تمثل نوعا من الكفاح ضد الأفيون، الذي يسعى من خلاله عزيز لانكستر فتح أبواب صراعات الماضي، في حاضر ما زال يستكمل هذه الأنواع من الحروب. يتساءل الأدميرال عزيز لانكستر في حوار مع تاجر جاء يشتري منه الشاي: أليس لديكم في أصفهان السيوف والبنادق والجيوش؟ كيف تتركون السوق على العرض والطلب؟ هذه الرواية يتطلع كاتبها للوصول إلى الداخل الشرقي عبر قصة الخارج في صراع له ما يبرره من الجانب الإنكليزي الذي يسعى من خلال لانكستر لإعادة الهيبة للتاج بعدما طغت لعبة شد الحبل التجاري بين الصين والهند وبريطانيا التي اعتبرت أن التاج اُهين، بعدما تم إيقاف السفن البريطانية في ميناء كانتون الصيني ونشوب حرب الأفيون الأولى، فهل خرج عزيز لانكستر بطل هذه الرواية ولاعبها الرئيسي من الجانب الإنكليزي، وهو من اب عراقي وأم هندية برصاصة من مسدس كولت، في نهاية مأساوية بعد أن استمتعنا في رحلته الحياتية، التي تشبه رحلة بحرية على باخرة تجارية؟ وهل حرب الأفيون كانت لتُغرق الصين ومعها الشرق في قرن جديد من العنصرية والإذلال، والقضاء على الإمبريالية في آسيا؟ أم أن النساء بوجوههن المتعددة في الرواية سمحن بالولوج لحرب من نوع آخر مغايرة عن حرب الأفيون وغيرها؟ شركة الهند الشرقية البريطانية تمثل في الرواية عزيز لانكستر الموظف المرموق في هذه الشركة، وأخطر رجل، بل داهية أسقط الحرف الأول من اسمه العربي ما إن وصل إلى البصرة ربيع عام 1843 منفياً من كلكتا، حيث كان يزرع الأفيون. القارة الهندية الزاخرة باحتياجات العالم آنذاك، ومنها التوابل والأقمشة بأنواعها والملح الصخري، تشكل نسبة كبيرة من الاستثمارات التي ترتكز على المنتجات الصناعية، فخط سير التجارة كان من المشرق العربي إلى الغرب، لذلك فالصراع الدولي التجاري معقد وكبير في رواية تحمل في طياتها شخصية تمثل الأهداف الحقيقية لهذه الشركة التي تسعى لدحر نوايا الأتراك والهولنديين والاستيلاء على مسارات الطرق البحرية، رواية «الأدميرال لا يحب الشاي» تتعلق بأعظم قضية مرتبطة بالتاج البريطاني، وما يُسمى بالتجارة الحرة فقد استخدم نزار عبدالستار تاجر الأفيون المُتخفي أو المتسلح بتجارة الشاي، دون أن يضيع علينا التفاصيل الدقيقة المذهلة، لتذكيرنا بحرب شُنت في ثلاثينيات القرن التاسع عشر وحتى عام 1840 بحنكة مصقولة بالأحداث الحقيقية التي تسببت بها هذه الشركة. الرواية رغم متعة القراءة التي تتشكل من الأحداث إلا أن وظيفتها المبطنة ليست تسلية القارئ فقط، لكن ليدرك أن الروائي يكشف للعالم خفايا الأمور التي جرت على الكوكب، من وجهة نظر يتركها للاستكشاف الحر بتأويلاته المختلفة بين قارئ وآخر، أو حتى بين باحث تاريخي وآخر مهتم بقضايا سياسية. في هذه الرواية جماليات سردية محبوكة بدقة متناهية، وهي بهذا تشبه إطلاق رصاصة وسط حفل موسيقي، كما يصف ستندال، وكما حدث في نهاية الرواية، فهل «الأدميرال لا يحب الشاي» بعنوانها المجازي هي استحضار لدسائس سياسية ما من هروب منها في التاريخ الأفيوني، المُتشكل من إرادة فردية قادها نزار عبدالستار بواسطة الشخصية الروائية القوية عزيز لانكستر بواقعية مفادها أن كل شىء سياسي حتى روايات الحب. هذه الرواية تشد القارئ وتدخله عنوة إلى أجواء وحقائق التجارة العالمية في القرن التاسع عشر، وربما يقصد نزار عبد الستار تذكيرنا بمرجعيات عالمنا الحالي وإن ما صرنا عليه الآن لم يأت إلا من هدر الدماء. يتساءل الأدميرال عزيز لانكستر في حوار مع تاجر جاء يشتري منه الشاي: أليس لديكم في أصفهان السيوف والبنادق والجيوش؟ كيف تتركون السوق على العرض والطلب؟ Doha El Mol
×
الروائي نزار عبدالستار
نزار عبد الستار قاصّ وروائيّ عراقي، وُلد في بغداد عام 1967. نالت روايته الأولى «ليلة الملاك» اهتمامًا واسعًا ومُنحت عام 1999 جائزة أفضل رواية عراقيّة عن اتّحاد أدباء العراق، وجائزة الإبداع، وهي أرفع جائزة رسميّة عراقيّة. كما حقّقت مجموعته القصصيّة «رائحة السينما» رواجًا كبيرًا، وأعيد طبعها أكثر من مرّة ونالت جائزة الإبداع عام 2010. عمل بعد عام 2003 في الصحافة، حيث أدار تحرير جريدة «المدى»، كما أسّس جريدة «تاتو» الثقافيّة. وقد حازت رواية يوليانا أهتماما واسعا لدى القراء والنقاد والصحف كذلك رواية ترتر التي أثارت أعجاب الكثيرين حتى أنها أدرجت في القائمة القصيرة لـ جائزة الشيخ زايد للكتاب فرع الادب 2019. عدّ نزار عبد الستار من أبرز كتاب الجيل التسعيني في العراق وأعماله نالت اهتمام النقاد. تعتبر مجموعاته القصصية وأعماله الروائية غنية بالحس الإنساني وتمزج بين الواقع والفنتازيا بلغة شفافة فضلًا عن ثرائها المعرفي والتقني. كما تمتاز نصوصه بلغتها وعمقها الدلالي وتلمسها الواقع العراقي. أصدر مجموعته القصصية الأولى «المطر وغبار الخيول» في عام 1995 وتبعها«ليلة الملاك» في العام 1999. وأصدر مجموعته الثانية «رائحة السينما» في عام 2002. أكمل مشواره الادبي بأصدار الرواية الثانية له «الامريكان في بيتي» في عام 2011 ومن ثم مجموعته القصصية الثالثة «بيجامة حمراء بدانتيلا بيضاء» في عام 2013. وفي عام 2016 نشر الرواية الثالثة «يوليانا» والتي تحاكي أسلوب الواقعيّة السحريّة من خلال قصّة مدينة صغيرة منسيّة وجيلَين من الأبناء. بين الملحميّ والدينيّ والدنيويّ، يعالج الكاتب بعين ثاقبة وقلم لمّاح ساخر مجبول بالتاريخ والأسطورة، عراق البارحة واليوم، وتحديدًا المجتمع المسيحيّ فيه. وفي عام 2018 صدرت للروائي نزار عبد الستار رواية ترتر والتي ركّزت على فكرة النهضة العلمية والصناعية، وتكلمت عن جيل من المتطلعين إلى أوروبا باعتبارها الأنموذج. هذه النهضة كان بإمكان ألمانيا دعمها والمضيّ فيها لو أن مشروع سكة حديد برلين- بغداد نجح، وتم قطع طريق الهند البري على الإنكليز.وقد أدرجت رواية ترتر في القائمة القصيرة لجائزة الشيخ زايد للكتاب 2019-فرع الاداب.من أعماله : المطر وغبار الخيول .. ليلة الملاك وغيرها الكثير
رواية وشائج الماء
BY الروائي عبده خال
7.8
المقال
سيرة ذاتية
Share
×
Article
بين جماليات الحكاية والتفكير الفلسفي ضحى عبدالرؤوف المل يروي عبده خال في روايته «وشائج ماء» حكاية فلسفية جمع من خلالها بين جماليات الحكاية والتفكير الفلسفي، في خلط سحري، هو كنه هجين بين الفلسفة والأسطورة، والفكرة النابعة من معتقدات شعبية، ومن غموض الحبل السري وما يتمثل فيه بشكل رمزي من خشية الإنسان مما هو مقبل «نحن نخشى المقبل ونضع مصدات طقسية لحمايتنا، فمن ذا الذي يقدر على الإفلات من قدره؟» فالرجل العارف بسر الخلود في «وشائج ماء» هو الروائي القابع خلف ستار البعد المنطقي لمسارات الشخصيات، التي جعلتنا نتساءل عن ماهية الفكرة من «وشائج ماء» الفلسفية في ربطها الذي يتحد معها الخطاب الأدبي الروائي عند عبده خال، الذي يطرح إشكاليات النشأة من خلال تفاعل الشخصيات مع أفكار الجدة حليمة، التي تؤمن بقيمة الحبل السري، والمتغيرات القدرية برموزها أثناء الولادة، أي منذ قطع الحبل السري الذي يربطنا بالأم، بعيداً عن منعطفات الخيال الأسطورية، التي أدخلنا في متاهاتها منتقدا ما تؤمن به الأجيال من معتقدات قد تكون خاطئة، وقد تكون صحيحة بما تعنيه للبعض. إلا أنها في الكثير منها هي ترجمة أفعالنا، فالبصمة الخالدة في وشائج ماء هي حبل سري، «وهبنا إياه وبقي أثرا لا يُمحى، بقي جاسوساً يتربص بنا، وربما كانت به معادلتنا الرياضية المشفرة» فهل الطموح الفلسفي في الأدب الروائي هو جدلية قدمها عبده خال في «وشائج ماء»؟ أم أن الفكرة الغامضة في الحبل السري هي جوهر معين يسعى من خلاله لتقديم فلسفات مختلفة تبدأ من الأنفس الشريرة المرتبطة بحبلها السري، والأنفس المطمئنة التي تسعى في الحياة لتحقيق رسالة الخضر إن صح القول؟ وهل الحبل السري يحمل فعلا طاقة مهوولة لم يصل إليها الإنسان؟ أم هي الجينات التي تتآلف وتتنافر كما هي الحال مع أمين، وسمية، وطاهرة؟ تسود الفلسفات في عقل الجدة حليمة التي انبثقت عنها عائلة تختلف أقدارها تباعا، وأمين بطل الرواية الذي يؤتمن على السرد أو على الحكاية الشعبية بمعناها الفني المرتبط بما تؤمن به الجدة حليمة التي تحتفظ بالحبل السري في وعاء من زجاج داخل محلول مائي، لما يرمز لها من خير وشر، أو الأقدار في تفاؤلاتها أو سوداويتها. وربما في اتجاهاته الحياتية يمثل الكاتب الأمين الذي يسعى من خلال كتاباته الروائية تحقيق التحرر العقلاني من فلسفات لا تؤدي إلا إلى العقم، فالسخرية باب واسع للأغبياء، كما يقول في روايته بينما «كبار السن يموتون يوميا لتكسيرنا أوامرهم، ولو عادت بهم الحياة لما أقدم على بذر نطف ماء تغدو وحوشاً كاسرة. فكم من رحم أم غذّت وحشا افترسته حين عظمت مخالبه» فهل حاول عبده خال التخفيف من حدة الفلسفة في حكايته ضمن السرد عن شخصية طاهرة ووسمية بشكل منفصل في الفصل الأخير؟ وهل تنافست الفلسفة مع الحكاية في رواية هي وشائج ماء تنتفض على بعضها بعضا، ضمن مفارقات الجدة حليمة وطاهرة ووسمية؟ أم أنه كما يقال يخلق من ظهر عالم فاسد ومن ظهر فاسد عالم؟ وهل الإنسان سجين المعتقدات التي تولد معه عند قطع حبله السري؟ أم المعنى أن بصمتنا البشرية ترتبط بالمجتمع الذي ننشأ فيه؟ يمارس عبده خال التطهير الفكري الذي يجسد نوعا من الاعتقادات المجتمعية التي نتوارثها من جد إلى جد، كالجدة حليمة، وهي تدفن كتاب الخلود مع أبيها حاملة جثته من بيت إلى بيت، لتدفنه في مسكن آمن بعيداً عن المثل الأعلى الاجتماعي الذي يمثله الجد، ومن ثم أمين بعيدا عن ما هو ديني، هادفا إلى توضيح أهمية الحبل السري أو الجين الوراثي، في إشارة إلى لفت الانتباه لأقدارنا التي نصنعها تبعاً لسلسلة من الأحداث التي تخدم الفكرة الذي انطلق منها عبده خال في تكوين حكايته الفلسفية، التي يعترف من خلالها بالأمانة الروائية من خلال الفكرة التي تنمو وتثمر في رأس الروائي منذ نشأته إلى مماته، ومن التكوين إلى السرد الملفع بحكايات الجدات وتأثيرهن في الحياة. «فمن المعلوم أن الإنسان يستخدم جزءاً ضئيلا من ملكات عقله، والحبل السري يحمل طاقة مهوولة لم يصل إليها الإنسان». Doha El Mol
×
الروائي عبده خال
عبده محمد علي هادي خال حمدي (3 أغسطس 1962) كاتب وروائي سعودي، اشتغل بالصحافة منذ العام 1982. من مواليد قرية المجنة إحدى قرى منطقة جازان، درس المرحلة الابتدائية في مدرسة (ابن رشد) في مدينة الرياض حيث قضى فيها فترة من طفولته، كما درس في مدرستي ابن قدامة، البحر الأحمر، وقريش في جدة، ثم حصل على بكالوريوس في العلوم السياسية من جامعة الملك عبد العزيز، متزوج وله ثلاثة أبناء وابنة واحدة (وشل، معد، عذب وجوى).
قبعة بيتهوفن
BY الروائي رامي الطويل
7.5
المقال
سيرة ذاتية
Share
×
Article
رواية «قبعة بيتوفهن»… ظلم الحروب ينجب طغاة ضحى عبدالرؤوف المل تدخل الرواية السورية المعاصرة الصراع مع اندلاع الحرب التي شرذمت الشعب، وتركته على أرض الواقع اليومي، بين النظام ومعارضيه في حالة غير مفهومة، تصدم القارئ بما يطرحه الروائيون السوريون الجدد من مواضيع جديدة، مرتبطة بصعوبات الحياة بعد أن دخلت سوريا في حرب طويلة وشديدة الأزمات، وقبل كل شيء الغزيرة بالمشاكل النفسية، التي أصابت الفرد بصدمة منعته من التكيف والتواصل الإنساني في الداخل والخارج، وحتى ضمن الرواية العربية للحرب السورية، التي تتكرر فيها المشاهد نفسها من السجون إلى الاقتتال إلى الظلم والتآكل الإنساني، الذي يحكي عن فظائع الحرب وويلاتها. للتعبير عن التغييرات التي أصابت سوريا تحديدا بعد خلط المشاهد الروائية بين النظام ومعارضيه، والتي تأثرت بالمخاطر التي تفرضها الحرب عامة. لأن دخول أي بلد في حرب مع الثوار الذين اختلطت عليهم الرؤى، تجعل الحقائق مخفية نوعا ما، لأنها تحتاج إلى تقصٍ وإثباتات وإظهارها في أشكال سردية جديدة، تتمحور حول الموضوع، وتعبر عن اضطراب العالم من خلال سرد متقطع، كما فعل الروائي رامي الطويل في روايته «قبعة بيتوفهن» الصادرة عن دار الساقي، وهو الذي حبك قصته في السجون الغامضة، غير مدرك لمن تكون، لكنه استحضر رواية «صحراء التتار» لدينو بوتزاني، وفي جملة تختصر كل المفاهيم الصادرة عن الحروب وهي «من يكون السلاح وسيلته الوحيدة لمواجهة الطغاة، لن يتخلى لاحقا عن سلاح يتيح له أن يكون طاغية». فهل كثرة التعرض للظلم في الحروب تنجب طغاة؟ أم أن فقدان هوية الانتصار في الحرب السورية أنجبت الكثير من الروايات التي كررت نفسها في الكثير منها، ولا سبيل لذكر ذلك هنا، بعيدا عن رواية رامي الطويل، الذي استحضر أيضا «لعبة الحجلة» لخوليو كورتاثار، الذي يقول فيها: لا يمكن محاربة الفاشية بأساليب فاشية» فهل انتقد رامي الطويل المنظمات والجمعيات التي عملت على تكريس رموز لثورة لاجئين كانوا من أوائل الفارين منها؟ أم أن «قبعة بيتهوفن» هي فعلا الأحداث التي تتكرر في الحروب، كما في رواية «الخلود» لميلان كونديرا، التي جاء فيها «نفتقد قبعة بيتهوفن»؟ إذلال لسجناء، انتهاك لحقوق الإنسان، ظلم واستبداد وغموض لهوية من يعتقل من، واستعراض القوة المستفزة والمؤدية للانتحار أو للجنون، ومحاولات للتغلب على الإحساس بالقهر والعودة بالذاكرة إلى حيث رغد العيش، للسيطرة على الإحساس بالبقاء، لكن النتيجة فقدان قيمة الهوية أثناء الحروب، حيث التفكك وتقلص مساحات الحياة. فهل الإنسان مهدد من قوى غامضة؟ وهل الروائيون الذين تأثروا بالاضطراب الكبير يكرسون أنفسهم للكتابة لإعادة خلق المشاهد في فضاءات روائية ولدت في الحروب التي أكلت من الموالاة والمعارضة على السواء؟ أم أن البيئة الروائية هي بيئة الروائي الذي يدشن مرحلة جديدة في الحرب السورية، التي حدثت فجأة وخلخلت التوازن لشعب عاش في استقرار لفترة طويلة من الزمن؟ Doha El Mol
×
الروائي رامي الطويل
رامي الطويل رامي طويل (1974- ) قاص وروائي وكاتب سيناريو سوري، بدأ كتابة القصة القصيرة في العام 1989، ونشر عددًا من أعماله في بعض الصحف العربية، لاحقا صدرت مجموعته القصصة الأولى بعنوان “الخاتم” في عام 2008. كتب عددًا من السيناريوهات التلفزيونية والسينمائية القصيرة، نفذ منها عملان وهما (الهروب)، و(صراع المال). أما أول رواية له فهي “رقصة الظل الأخيرة” التي صدرت عام 2013.
التحليل الإستكشافي للخطاب الشعري
BY الشاعر د.سرجون كرم
9.0
المقال
سيرة ذاتية
Share
×
Article
التحليل الاستكشافي للخطاب الشعري ضحى عبدالرؤوف المل تُشكّل الرؤى التحليلية في قصائد ديوان «سمكريّ الهواء العليم بكل شيء» للشاعر «سرجون كرم» عدة اختلافات معرفية ذات استثناءات شاعرية، تمثل الاندماج الديناميكي ووحدة المكونات النصية وشاعريتها، ضمن التحليل الاستكشافي للخطاب الشعري المتحرر حداثيًا، وبشكل معاصر ومعمم فنيًا، لخلق خطوات في قصائد تمثل ما هو تاريخي ومقارن مع الكثير من المواضيع المبطنة التي تطرأ إليها بشكل إيجازي ومتطور شعريًا. إذ ينبع الفكر الشعري من عدة قضايا إنسانية تساهم في تشكيل البشرية دون أن يتخلى عن النظريات الاجتماعية والسياسية، بعيدًا عن فلسفات اللغة الشعرية. ووفقًا لعوامل اللغة التي يستخدمها سرجون، بعيدًا عن اللغة العاطفية، يلتزم المنطق الفني بلعبة فكرية ليست مستقلة عن الشعر، ولا مندمجة معه، إلا أنه يؤسس لفعل الكلام المؤثر من خلال العناوين أولاً، ومن ثم العمق، وما يتشكل من اختلافات المعنى وتناقضه بشكل ما مع الواقع. مثل عنوان ديوانه «سمكريّ الهواء العليم بكل شيء»، فالسمكرة الشعرية لا تعني إصلاح لغة الشعر بعد إفسادها من الماكرين والغاوين، وإنما هي البراعة في منحه اختصارات تمكّنه من الوصول إلى العالمية دون إسفاف أو مكر، بل ضمن معالجات نصية تؤسس لعدة مستويات تُفهم على أنها إضافات على الأقل فيما يتعلق بلغة الشعر الحديث، حيث يتم تقليل الرومانسية وما بعد الرومانسية من ناحية التجاوزات الموضوعية، دون أن تتعارض مع عباراته المتسامحة مع اللغة، قائلًا للمنبوذين: «دعوني أكتب الشِّعر باللغة العادية/ وأسأل هذا الشّعبَ البكّاءَ على امتداد خريطة مقعّرة». فهل التصور العام لديوان سرجون كرم «سمكريّ الهواء العليم بكل شيء» يعكس التصورات العامة التي ينتهجها شعريًا للخروج من قوقعة المنبوذين شعريًا؟ أم أن الفكرة هي التحرر من المعايير الصارمة للشعر العربي تحديدًا والدخول في معركة الأصل البنيوي للغة وسلاستها؟ وهل ما تم صياغته من قصائد هو عبارة عن تزامن بين استعارات وكنايات ونفي التعقيد واللجوء إلى الاستبطان لعليم في الأدب واللغة غير العربية لإصلاح القصيدة التي مرَّت بالكثير من التغيّرات والسكتات الزمنية؟ تتفوّق العناوين الداخلية للقصائد في ديوان «سمكريّ الهواء العليم بكل شيء» مع فكرة السمكرة، واستمرارية لغة الشعر المتجانسة مع الهوى ومن يهوى، أو من يسعى لاستعادة المجد الشعري، أو الأصح مع ما يتفق ويمتزج بالفكرة التي توحي بأنه لا يوجد تجانس نصي أساسي بين الحداثة وما بعد الحداثة. وكل استمرارية للغة الشعر دون الالتزام بالاتجاهات الفكرية أو الفلسفية أو حتى الإنسانية والحياتية هي اتجاهات فاسدة، وتحتاج لسمكرة شعرية أكثر حداثة، وهي توليف لما هو غير متجانس مع ما عرفناه في الشعر العربي الكلاسيكي أو تجاوزات القصائد المستقلة بمواضيعها عن الترتيب الزمني وموضوعية الموسيقى والإيقاع، والخصائص المقفلة إدراكياً. فهل لوثة الشعراء المنتحرين في قصيدته الأولى من الديوان هي لوثة ما بعد الحداثة للخروج من كبوة الشعر أو معاناته في تحقيق العودة لرأس الهرم أو لتبوّأ الشعر مكانته مجددًا بعيدًا عن من أفسدوه وتركوه بحاجة إلى سمكري عليم بكل شيء؟ ينتقد «سرجون كرم» حالة الشعر العربي والتوليفات غير المتجانسة في الأسلوب والمضمون، والإدّعاء الشعري الذي يمنح الحالة الشعرية وجود نظريات بمعايشة الكثير من الانفلات الأخلاقي عند الكثير ممن ينتحلون الصفة الشعرية، لعيش حالات من المجون المؤدي إلى إفساد لغة الشعر العربي، وغايتها وتطوراتها وخصوصيتها من حيث السمو الأدبي، والتحفيز الشاعري المتعلق بمستويات القصيدة الشعرية، وبلوغها المقام الأعلى في الأدب والأخلاق والجمال معًا. «لو أنّي عاشرت نساء الأرض بحجّة أنّني شاعرٌ/ والأجملُ لو كنت أطرب للسّلام/ وما فتحتُ الكتب التي تعلّم منها نوستراداموس/ ورأيتُ المآسي القادمة». فهل من تمنٍ دلالي يزيل الإرهاق عن شاعر أمسك بتحولات المعنى بتقنية ذات خصائص متماسكة شعريًا على وجه التحديد؟ أم أنه في هذا الديوان يقدم عدة نقاط ميكانيكية هي المحرّض للكثير من التناقضات مع السمكرة ومدلولاتها الشعرية؟ وهل كل هذه الالتواءات بالمدلولات الشعرية في قصائده ضمن هذا الديوان هي إغواء شعري لتحليلات تؤدي إلى العمق الأدبي بعيدًا عن السطحية التي تتفشى عربيًا؟ أم أن سرجون أتقن المعالجات الشعرية ضمن قصائد طرحت الكثير من المشكلات التاريخية والاجتماعية والجمالية والإنسانية وغير ذلك؟ برؤية تحديثية أخرى في ديوان "سمكريّ الهواء العليم بكل شيء"، ينجح الشاعر سرجون كرم في تقديم تجربة شعرية متفردة، تعكس تناقضات الواقع المعاصر وتبحث في عمق الوجود الإنساني. يعبّر كرم عن آلام وتطلعات جيل كامل، مستخدمًا لغة شعرية تتنقل بين التجريد والواقع المعيش، مما يجعل القارئ يشعر بأنه يتنفس نفس هواء القصائد. منذ الوهلة الأولى، يتضح أن الشاعر يسعى لتحقيق هدف شعري مزدوج: أولاً، هو استعادة المجد الشعري الضائع، وثانيًا، تقديم رؤية نقدية للمؤثرات الاجتماعية والسياسية التي تعصف بالعالم العربي. يظهر هذا في اختياراته اللغوية والتصويرية، حيث يعتمد على الاستعارات والكنايات التي تتحدث بلغة الشارع وتستعيد نبض الحياة اليومية. يستند السرد الشعري في ديوان كرم إلى قضايا اجتماعية ملحة، مثل الهوية، والاغتراب، وفقدان الأمل. يستخدم الشاعر اللغة كمفتاح لفهم التعقيدات النفسية والاجتماعية التي يعيشها الإنسان العربي، حيث يتنقل بين الفخر والخذلان، بين الأحلام المنسية والذكريات المؤلمة. تظهر في قصائده إشارات واضحة إلى التغيرات الاجتماعية والسياسية التي شهدها العالم العربي في العقود الأخيرة. هذه التغيرات، التي قد تكون محبطة، تدفع كرم إلى تسليط الضوء على المأساة التي يعيشها المواطن العربي، مما يمنح قصائده عمقًا إنسانيًا وجماليًا. تتجلى جمالية النصوص في فكرة "السمكرة"، التي لا تعني فقط ترميم اللغة الشعرية، بل أيضًا محاولة إصلاح ما هو مكسور في المجتمعات. الشاعر يستخدم هذا المفهوم ليُعبّر عن ضرورة التغيير والإصلاح، ليس فقط في الشعر، بل في الحياة نفسها. من خلال العناوين، يعكس كرم تناقضات الواقع ويستفز القارئ للتفكير في معاني جديدة، مما يخلق حوارًا مع النص. تعكس قصائد كرم أيضًا صوت المنبوذين، أولئك الذين يعانون في صمت. في إطار هذا السرد، ينقل لنا تجارب الأفراد في مجتمعاتهم، كاشفًا عن جوانب من الفقر والعزلة واليأس. لكن ما يميز هذه التجارب هو الأمل المتأصل في الكلمات، الذي يبثه الشاعر في قلب كل بيت، وكأنه يدعو القارئ للبحث عن النور في العتمة. إن ديوان "سمكريّ الهواء العليم بكل شيء" هو أكثر من مجرد مجموعة قصائد؛ إنه رحلة استكشافية في أعماق النفس البشرية، وتجسيد للواقع الاجتماعي والسياسي المشتت. من خلال رؤيته النقدية والإنسانية، يسعى سرجون كرم إلى إعادة تشكيل الفهم الشعري، ليقدم صوتًا جديدًا يعبر عن معاناة الناس وآمالهم. إن تأثير هذا العمل يكمن في قدرته على محاورة القارئ، ليترك أثرًا عميقًا يدفعه للتفكير والتأمل في قضايا الشعر والحياة معًا. Doha El Mol dohamol67@gmail.com
×
الشاعر د.سرجون كرم
سرجون فايز كرم Sarjoun Fayez Karamأستاذ جامعي وباحث وشاعر. ليسانس في اللغة العربية و آدابها وماجستير اختصاص ألسنيّة من جامعة البلمند. شهادة في اللغة الألمانية وآدابها كلغة فيلولوجيّة أجنبيّة من جامعة هايدلبرغ ألمانيا. نال الدكتوراه في الأدب العربيّ على أطروحة بعنوان (الرمز المسيحي في الشعر العربيّ الحديث ) من جامعة هايدلبرغ ألمانيا والأستاذية في جامعة بون ألمانيا عن دور شيعة لبنان في عصر النهضة العربيّة. أستاذ اللغة العربية و آدابها والترجمة في معهد الدراسات الشرقيّة والآسيوية التابع لكلية الفلسفة جامعة بون ألمانيا. مشرف على ترجمة إفادات الضحايا الناجين من قنبلتي هيروشيما وناغازاكي في إطار التعاون بين جامعة بون وقاعة هيروشيما التذكاريّة من أجل السلام لمناصرة ضحايا القنبلة الذريّة وشبكة المترجمين لعولمة شهادات الناجين من القنبلة الذريّة. مدير مشروع الترجمة للشعر العربي الحديث إلى اللغة الألمانية. صدرت له خمسة دواوين شعرية: تقاسيم شاذّة على مزاهر عبد القادر الجيلاني (بيروت 2006) – في انتظار موردخاي (مع ترجمة إلى اللغة الألمانيّة - ألمانيا 2011 ) – هذا أنا (مع ترجمة إلى اللغة الألمانيّة - ألمانيا 2014) – سندس وسكّين في حديقة الخليفة (مع ترجمة إلى اللغة الألمانيّة - ألمانيا 2018/ترجمة د. سيباستيان هاينه) – قصب الصمت (مع ترجمة إلى لغة الماندرين الصينيّة تايوان 2019/ترجمة الدكتورة ليو نا)، بالإضافة إلى ديوان "سمكريّ الهواء – العليم بكلّ شيء" عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر بيروت / عمّان 2022
«
1
2
3
4
»