Movie
Series
Books
Paintings
Anime
Interviews
Theater
Login
 
Contact Us
 
البزة والرداء وقميص النوم..
BY الروائي جورجي أمادو
8.0
المقال
سيرة ذاتية
Share
×
Article
البزة والرداء وقميص النوم.. ضحى عبدالرؤوف المل تتعثر المعاني في ترجمات أعمال أدبية تحمل أفكارا متنوعة، لكن عوض شعبان اختار عملا روائيا ذا بنية مقسمة إلى ثلاثة أقسام، لمؤلف رسم صورة الحرب، وألصقها بمحيط ثابت هي الأكاديمية البرازيلية، فالأقسام الثلاثة تحمل كمية عناوين موزعة، كأنها عناوين قصص قصيرة مرتبطة ببعضها في استراتيجية دفاعية لعمل روائي يخوض حرب الأكاديمية الأدبية في أجواء متوازية، بين حروب نازية وحروب نفسية، كذلك حروب أدبية وثقافية، وكأنه يعيد صياغة تحليل مستقبلية في قالب روائي مستعملا ثلاثية كلمات "البزة" ويقصد البزة العسكرية لرجل الحرب و"الرداء" وهو رداء الأكاديمية البرازيلية للآداب و"قميص النوم" وهو عنوان قصيدة حب، قميص نوم صارت الذكرى مؤلمة، معذبة، أواه ليس أبدا بعد الآن، فلم يُتح للشاعر وقت لأي قصيدة، فرفع يده إلى صدره، وأنزل رأسه فوق الورقة، ثم أنشأ مركزا شاغرا في الأكاديمية البرازيلية " لتبدأ تحضيرات انتخابية في معارك متفرقة تشبه العناوين الروائية في رواية جورجي أمادو. إن المشاعر العدوانية في رواية البزة والرداء وقميص النوم تتوحد في الحرب، فالحرب هي الحرب بكل أنواعها سياسيا وأدبيا، لكننا نلف الأدب برداء من نور، ونخفي تحته الكره والنفاق والرياء السياسي، لنبكي أي عمل تكاملي يحتاج لدعم " قادر على القراءة في الضمائر المذنبة" فالحس القومي يترجم نفسه في نزعة الخلود التي تقوم فكرتها على تخليد عضو الأكاديمية، ولو كان العضو ذا انتماء سياسي معين، وهذه معارك أدبية مخفية نوعا ما عن الإعلام، وقد كشف عنه جورجي أمادو في روايته، لنرى أن الحرب الأدبية حرب تخوضها تيارات سياسية مهمة، وهي حرب شرسة، لا أخلاق فيها. إن تحليل العناوين في كل قسم هو تحليل مستقل يتطور، وكأنه سلسلة متماسكة تمسك بالبناء الروائي الإبداعي، فيرتبط بظواهر تبتعد عن الخيال بعدا تاما، يستهدف تجريد الذهن من كل ظاهرة تبعده عن الحروب الأدبية الثقافية، فيستخدم عناوين مثل" القصيدة التي لم تنظم، الشمولية وبؤس معايير الفنون التشكيلية، شرح جاف حول الشعر، الشاعر يهبط من البرج البلوري، ليعدم في باريس، رواية آفرانيو بورتيلا حول مناورات المرشح المشينة، إلخ " ليكتسب القارئ مفهوما آخر عن الحرب، ونتابع تيارا فكريا في بورجوازية أكاديمية أدبية يتنازع على مقعدها " مرشح سادة الحرب المنتصرين في العالم" أسلوب روائي قصصي مترابط بفكرة واحدة، يعالج أكثر من مئة عنوان، بدءا من القصيدة التي لم تنظم حتى أخلاق الخرافة وفق مقاييس موضوعية ذات حبكة توضيحية رغم الانطباعات الرمزية التي تناول البحث فيها لتعزيز الارتباط بين أنواع الحروب التي تشن في الداخل أدبيا وثقافيا، ليجعل منها أرضية ثابتة لصراع سياسي يتجدد تاريخيا في كل أكاديمية دولية للآداب، لنشهد على خلود الرياء السياسي الذي لا يفرق بين بزة أو بدلة أو قميص نوم فالنتيجة " أشياء كهذه تفسد حيوية أمة، لهذا السبب تعهَّرت فرنسا، تحولت إلى بلد مخنثين ظل موسوما إلى الأبد" خلاصة سياسية أراد لها أن تبقى خالدة كخلود عضو الأكاديمية البرازيلية للآداب، فخلاصة الفهم الروائي هو سلسلة عناوين نظمها بدقة، وكأننا نمشي خطوة خطوة في أسلوب يختلف عن التقليد، وينطوي على موقف دقيق مما يجعل التأثر والتأثير هو كشف الأحاسيس المخفية للقارئ، ليظهرها بهدوء، ويستنتج أهمية العمل الصحفي في الحروب، وأهمية العمل الأدبي، حتى القصيدة البسيطة التي تحمل فكرا سياسيا معينا لنهوض أي أمة نهوضا صحيحا معافى" أي خطر يمكن أن تمثله مجلة صغيرة يختصر إصدارها على بعض التحقيقات، على مقالات دولية حذرة، حول نيو ديل الأميركية الشمالية على سبيل المثال، على أشعار وقصص قصيرة؟" وكأنه جاهز باستمرار لأي تساؤل يطرحه القارئ ذهنيا، فيجعل لغة السرد حكائية، وأكثر طواعية له، ليسلك طرائق تعابير عديدة، ويكون عنصرا متخيلا ،هو مرآة الرواية كلها، فنستكشف المشاهد السينمائية التي تجعلنا نرى تفاصيل مهمة في حياة برونو. وفي الخطط الاستراتيجية المهمة للحرب الأدبية" يجب ألا يكون لدى العدو أقل ارتياب، ينبغي أن يعتبر نفسه مضمونا، وكلما أحس موريرا أنه منتخب أكثر اقترف سخافات أكثر" إن العناوين التي اختارها ارتبطت بدلالات معينة ذات تأثير إيجابي، في حال فصلنا الرواية إلى قصص قصيرة سنجد أنها كالمسبحة ترتبط بخيط واحد وحبات متفرقة، لكن ما سر استعماله الأسماء بكثرة؟ سؤال لم أجد جوابا له لا سيما أنه استعمل ما يزيد عن ستين اسما في عشوائية غير مدروسة، وبعيدة عن الانسجام الروائي، لأنه تأبط الأسماء ممسكا بها كأنها ثرثرة لا مبرر له، إلا أنها أفسدت قيمة العمل، لأن أغلب الأسماء لا توجد لها شخصيات حركية بناءة في الرواية، وهذا أعتبره غموضاً لم أكتشف سره، كما أن وجود المرأة في الرواية يشبه وجود قصيدة يرميها الشاعر على صفحات المجلة بعد أن ينتهي من كتاباتها، لنشعر أن وجود المرأة في ذاك الزمان هو وجود شكلي دراماتيكي لا يرتبط بأي حقوق للمرأة، وإنما يسيء لها " يكفي أن يكون برازيليا من الجنس المذكر" بعد ست وثلاثين سنة فقط سيكون مسموحا ترشيح النساء" " شاعر مشهور يا صغيرتي، جميع النساء يضعفن للرقاد معه" نهاية الرواية جاءت بموت اللواء، أو قتله بالحرب النفسية الباردة إن صح التعبير، وكأن اللواء المرشح ليكون عضو الأكاديمية هو رمز اللوائيين المخلدين الذين عرفوا في البرازيل بالمنطق البارد وبالأبطال الحقيقيين، لأنهم استطاعوا اكتشاف الداخل البرازيلي ورسم الحدود، ولولاهم لكانت البرازيل ما تزال بلدة صغيرة تائهة على الخارطة " ما الذي حصل يا آفرانيو؟ قتلنا اللواء، ومن ثم يقول لنا في الصفحة الأخيرة:" الأخلاق، أنظر في كل ناحية، في العالم الخارجي، غنها الظلمات مجددا، الحرب ضد الشعب، التسلط، لكن، كما يتأكد في هذه الخرافة، من الممكن دائما زرع بذرة، إضاءة أمل." فهل تتشابه الأحداث في عالمنا العربي، لأننا لا نملك فكرة رؤيوية للحرب الثقافية والأدبية حتى السياسية بمعناها الشمولي والاستراتيجي القادر على فتح الحدود، لنكون أمة عربية واحدة، لا تقتل بحرب نفسية باردة؟ Doha El Mol
×
الروائي جورجي أمادو
جورجي أمادو (Jorge Amado) اسمه الكامل جورجي أمادو دي فاريا (Jorge Amado de Faria) (ولد في باهيا 10 أغسطس 1912, توفي 6 أغسطس 2001) روائي، صحفي وسياسي برازيلي، واحد من أهم كتّاب البرازيل ومن أوسعهم شهرة. منذ أيام المدرسة بدأ الكتابة، وألف مع عدد من أصدقائه في مسقط رأسه «جماعة الحداثة». وفي عام 1935 أنهى دراسة الحقوق في ريو دي جانيرو ولكنه لم يتسلم شهادته إذ كان قد دخل حينذاك عالم الأدب وبدأ يشق طريق النجاح بمجموعة من المؤلفات، منها «بلاد الكرنفال» (1931) O pais do carnaval، و«كاكاو» (1933) Cacao، و«عَرَق» (1934) Suor و«جوبيابا» (1935) Jubiaba، ثم أتبعها بـ «بحر ميت» (1936) Mar Morto و«قباطنة الرمال» (1937)Capitaes Areia. وقد صار جورجي آمادو بعد انتشار أعماله هذه الكاتب المفضل لدى شعبه. والسر في هذا النجاح هو تمسكه ببعض الأشكال الاتباعية ممزوجة بالصعلكة وطعم التقاليد العريقة في مسقط رأسه، ولاية باهيا، التي كانت بحواضرها وريفها مسرح كل رواياته، وأناسها أبطاله الدائمين. انغمس في النضال السياسي منذ شبابه المبكر، إذ انضم إلى الحزب الشيوعي البرازيلي في عام 1926م، إلا أن ذلك لم يؤد إلى صبغ أدبه بصبغة الأدب العقائدي، إلا في كتاب «عالم السلام» (1951) El mundo de la paz، وفي رواية «أقبية الحرية» Subterrâneos da liberdade المؤلفة من ثلاثة أجزاء ضخمة، حيث لا تخفي القوة الإبداعية والقدرة على رسم الشخصيات وتصوير المواقف تسرعه في الكتابة تحت تأثير المتطلبات الحزبية، ولكن هذا التأثير يبدو أقل وضوحاً في رواية «فارس الأمل» (1942) O cavaleiro de esperanca التي تناول فيها سيرة حياة القائد الشيوعي البرازيلي لويس كارلوس برستيس Luis Carlos Prestes، وكذلك في الروايات الملحمية التي تتحدث عن الصراع بين الإقطاعيين والتجار في مناطق زراعة الكاكاو، كما في رواية «أراضي اللانهاية» (1942) Terras do sem fin. في عام 1946 انتُخب لعضوية البرلمان بعدد كبير من أصوات الناخبين. ولكن الحكومة العسكرية ما لبثت أن ألغت شرعية الحزب الشيوعي فاضطر إلى مغادرة وطنه ليعيش متنقلاً ما بين فرنسا وإيطاليا وتشيكوسلوفاكيا والاتحاد السوفييتي، ولم يتمكن من العودة إلى بلاده إلا في عام 1952، وقد حصل في منفاه على جائزة ستالين للآداب، وأصبح عضواً في الهيئة التي تمنح هذه الجائزة، وبدأت ترجمة كتبه إلى لغات كثيرة. كتب أمادو قبل عام 1958م روايات ماركسية، تعكس تعاطفه مع ضحايا الظلم الاجتماعي، منها رواية الأرض العنيفة (1942م)، ثم كتب بدءًا من جابرييلا، الثوم والقرفة (1958م) بأسلوب أكثر حذقًا حيث اعتمد على أسلوب الفكاهة الهجائية. يعتبر الكثير من النقاد موتا كوينكاس ووتريل (1962م) أروع رواياته.
صحراء الحب
BY الروائي فرنسوا مورياك
9.0
المقال
سيرة ذاتية
Share
×
Article
صحراء الحب ضحى عبدالرؤوف المل يثير الشك قوة تدفعنا إلى استنتاجات قد تستغرق العمر بأكمله، فصحراء الحب للروائي فرنسوا مورياك التي ترجمها فتحي العشري قدمت فلسفة حياتية تؤمن بقيمة الإنسان الذي يحيا في منظومة اجتماعية تفرض عليه سلوكا معينا، إلا أنه بين الوعي والإدراك يتسرب إلى الذات مفاهيم فردية في فصول تعددت، وحملت كلمة واحدة هي الحب. بدأ بكلمة "ظل" وأنهى الفصل الأخير بكلمة "كانت" وكأن كلماته المفردة حملت إشارات نفسية عديدة مليئة بالأسرار التي يصعب علينا تفسيرها، لتبقى في دائرة الموضوعية الذاتية، وليترك الفضاء الروائي متسعا لرؤية تأملية تسحبنا نحو الطبيعة، كأنه يبتعد بنا عن أجواء المدينة، أو يجعلنا نشعر بجمالية المكان الذي يشعره بالدفء، كما تشعره المرأة بجمال الحياة. جمل فردية وصفية حملت أكثر من معنى، وكأنه يترجم غربة ما، عاشها الكاتب في عالمه الروائي" وما إن انتهى من احتساء القهوة حتى مرق هاربا بحركة خفيفة". فمنطق الجمل الفكرية اليقينية بقناعات الكاتب خلقت نوعا من الترابط بين ما يكتبه وبين القارئ، وأبطال الرواية، لنشعر بماريا كامرأة تفصله عنها صحراء تلتهب بمشاعره التي تحمل مزايا تقديرية للمرأة بشكل عام، وكأنه يمسك احترام وحقوق المرأة في أخلاقيات نحتاجها فعلا " وإنما هو ضوء الذكاء غير المألوف في وجوه النساء، لأنه إذا أشرق في وجه امرأة اختلجت له عواطفنا وإدراكنا كيف كانت المتخيلة والفراسة والفطنة والبصيرة كلمات مؤنثة. استطاع مورياك تحليل جزئيات الحب وتناقضاته فينا، وكأن الحياة تبدأ بالإحساس بالحب الحقيقي، فنشعر أننا نملك بصيرة قوية، وكأننا كنا فقدنا نعمة البصر، وعادت إلينا بالبصيرة التي ترى عمق الأشياء الحسية " ولم تكن تحب أن الحب يمكنه دائماً أن يشق طريقا، ويحفر مكانا، حتى في قلوب أكثر الناس انشغالا" فالحب لا وقت له ولا زمن " فالعواطف التي تعيش بعد قضاء الرغبات هي من صنع الإنسان" فهو استعمل تشابيه واستعارات في لغة فنية، لتنقية الأسلوب من جماد لغوي لا يحمل حركة فعلية مازجا الداخل مع الخارج، والصورة مع الفكرة في إشراق ذات معنى تزيني، وكأنه يستعمل اللغة الفنية الشعرية في الأسلوب الروائي، لنشعر أن الفضاء الروائي هو لنا، فنتأثر بالحركة والسكون، ونشعر بجمالية اللحظة الزمنية" أحست بهذا حتى امتزجت صحراؤها الداخلية بصحراء الفضاء، وحتى يكون الصمت الذي في داخلها مختلفا عن صمت طبقات الجو العليا" فأسلوب مورياك يشبه المد والجزر، فالمد الروائي كان يلقي على شواطئنا الخيالية صورا، ليترك لنا قراءة أفكاره، لنتوافق مع آرائه أو نرفضها، وكأنه يؤمن بحرية الفكر الخاص لكل قارئ، فالرواية متعددة الوجوه، لأنه وضعنا ضمن فترات عمرية تختلف بين مراهق ورجل بالخمسين في تقابل يلازم كل أحداث الرواية، وكأننا نعيش مع الماضي والحاضر، لنشعر أن ماضي الإنسان في شبابه إنما هو فترة تحضيرية، ليحيا الإنسان بعدها العمر الجميل، ويختمها بخلاصة واقعية" حينما أتألم من الحب أنطوي على نفسي وأنتظر، لأني واثقة بأن ذلك الرجل الذي أتمنى أن أموت من أجله ربما لن يساوي شيئاً في نظري غدا. إن تأملنا الرواية جيدا نلمس أنها واقعية اجتماعية في لغة انطباعية توحدت فكرتها مع أفكار القارئ بمختلف مراحله العمرية، ومختلف الأجناس، فالمرأة لها النصيب الأكبر من الرقة والانسجام والفهم العميق لكينونتها واحترامها بمختلف انفعالاتها النفسية والجسدية، كأنه يمسح على أوجاعها، لنفهم أن المرأة حين تبتعد عن الحب الحقيقي تصبح كتلة متجمدة تتسارع من حولها العواصف، فتأججها العاطفي يحتاج لقدرة معينة من الوصول، فهي الأم والزوجة، والحبيبة والعشيقة التي نحتاجها في كل تناقضاتها في تسليم واقعي" نعم، ينبغي أن تحملنا امرأة في النهاية، كما حملتنا في البداية، فالأم والزوجة في بيت واحد، كل منهما من خلال دورها تمنحه العطف والمحبة في ترابط متين بين بداية ونهاية، لكن توسطتها مشاعره نحو ماريا، وهو يخفيها حتى عن نفسه، لأنه مقيد باجتماعيات جعلت منه يرفض اللذة الجسدية، ليتركها في فضاء مخيلته فقط " وليس هناك أي فاصل زمني بين المتعة والاشمئزاز، إن سعادة السذج هي الجنة المفتوحة أبوابها للسذج من ذا الذي قال: إن الحب هو لذة الفقير؟." إن التحكم بالعلاقات الإنسانية هو نوع من السخرية الاجتماعية التي طرحها مورياك من خلال علاقة ماريا بالمجتمع الشكلي الذي يتخذ حكمه على الظواهر بطريقة لا تحترم حقوق الإنسان المسلوب منه القدرة على عيش في تناقضات نفسية عاشتها ماريا، وعاشها معها الطبيب" ذلك لأن كل مهاراتنا تخيب أمام الوهم، فإذا اعتقدت أنك فريسة وراثة لا تقاوم فماذا ترجو مني؟ إني أرغمك على الإيمان بأن في استطاعتك أن تروض كل الحيوانات الموجودة داخلك قبل أن تزيد ضراوتها، حتى وإن لم تكن نفسك أنت بالذات" تماسك عائلي بلغ أقصاه رغم العزلة لكل فرد، والهروب نحو علاقة أكثر دفئا رغم حب الزوجة الكبير له في طرح مباشر لمشكلات الحياة الزوجية التي يتركها الزمن في مهب زوابع فضائية نشأت فجأة، وجعلته يفقد توازنه في كلمات تنم عن وجع داخلي" آه من سخافة هؤلاء الأشخاص الذين لا تهتم بهم قلوبنا، والذين اختارونا، مع أننا لم نخترهم، كم هم بعيدون عن مشاعرنا الداخلية! إننا لا نريد أن نعرف عنهم شيئا، وحياتهم أو موتهم أمر لا نكترث به، ومن عجب أن يكون هؤلاء هم الذين يملؤون حياتنا." فالواقع يحمل الكثير في خباياه، كعلاقة الأم مع الأبناء، وعلاقة الجدة مع الأحفاد، وعلاقة الأب مع الابن في مبارزة فكرية دائمة، فكل منهما يسخر من عالم الآخر" ففي هذه الأسرة التي يشاكس بعضهم بعضا تتأصل عادة الشك وسوء الظن لدى كل فرد من أفرادها" ومع ذلك هي أسرة متماسكة لم ترفض ابنها المراهق، إنما رفضت سلوكياته في توجيه مليء بالحب من الجدة التي كان يشعر بحبها له في تفاصيل وجهها وابتسامتها، ومع ذلك عاش الأب والمراهق مشاعر حميمة فيما بعد" لأنني لم أكن أعلم أن لدى المراهقين بصيرة تمكنهم من معرفة من يحبهم" فهل سيأتي زمن تحس فيه النفوس ببعضها بدون وساطة جسدية؟ استوقفتني هذه النبوءة الفكرية أدبيا، وقد عاشت في زمن، وتحققت في زماننا هذا، فما نحياه من غرائبية مشاعر عبر الشبكة العنكبوتية تحقق هذا القول " و يا ليتك تستمتع بما كتبته في هذا المعنى ببراعة " موريس بيتر لنك يقول: سيأتي زمن ليس ببعيد تحس فيه النفوس بعضها ببعض بدون وساطة الأجساد" فهل يتنبأ الروائي غالبا في حدس يصعب فهمه في زمانه، فنهمه في زمن لاحق؟ اصطلاحات تعبيرية كتبها في أكثر من موقع تتمسك بالالتزامات الاجتماعية والنظرة الاجتماعية للكنيسة التي ترفض العلاقات المحرمة في قالب هادئ ذات تناقضات ترك الحكم فيها للقارئ، ليستنتج الشيء الوسطي والحقيقي، وهو الراحة النفسية للفرد الظامئ لكل ما في الحياة من حب وأمومة وأبوة إلخ" إن الإنسان الذي يعاني العطش لا يرتاب في أمر أو عين يصادفها، فالقاعدة الأخلاقية داخل قلبه لا تقل بريقا في السماء الزاهية بالنجوم." نزعة طبيعية ملأت الرواية من البداية للنهاية في حبكة هادئة لم تجعلني أشعر بقوتها، ولكنني استمتعت بشلاله السردي، وكأنه أراد إبراز العمق الوجودي للفرد في المجتمع، وما يعانيه من تناقضات تعكس ما في داخل النفس من صعوبات يصعب الاعتراف بها رغم أن الطبيب يؤمن بروحانية الحب، ويتمسك فيه احتراما لمشاعر امرأة في حقيقة انتزعها من داخله، ليتكلم أخيرا مع ماريا بعد أن تزوجت ليقول لها:" تبادل الرسائل لا يساوي شيئا، فما فائدة الكتابة إذا لم ير بعضنا بعضا." نزعة طبيعية طبعت الرواية في حركة ساكنة، وسكون حركي سلبي في انعزال إنساني، وإيمان بالحياة الزوجية، ولو كانت خالية من الحب، لكنها دائرة الحياة الواجبة على الإنسان أن يحياها، ليفصل بين التأليف الروائي وأفكاره الجزئية التي عرضها في رواية" صحراء الحب" بأسلوب كلاسيكي ينظر للطبيعة كأنها كنز الأسرار الذي يشبه أسرار النفس الإنسانية، لتلتقط المخيلة صورا نستنتج منها الحقيقة الأقرب للمنطق من خلال الحواس التي تتحرر من الوقائع من خلال إشارات صغيرة "كان يغمض عينيه أحيانا، ويستغرق في أحلامه ليرى الغناء الصداح بين أوراق شجر الصنوبر في الطرق التي سيسلكها " فرنسوا مورياك استطاع تقديم فن كتابي منفصل عن اللغة والأسلوب متأثر اجتماعيا بتفاصيل متعددة مثل المراهقة والمرأة والحب والجسد والطبيعة، لينضج إحساس القارئ، ويشعر أن الرواية تتكلم عنه هو في أسلوب لغوي منفصل عن المكان، ومشترك ببيئة واحدة هي البيئة الأسرية المحافظة على نوع من المحبة التي ترعى أفرادها. Doha El Mol
×
الروائي فرنسوا مورياك
فرنسوا مورياك François Mauriac (بالفرنسية: François Mauriac كاتب فرنسي ولد في بوردو في 11 أكتوبر 1885 وتوفي في الأول من سبتمبر 1970. تأثر بتيار المسيحية الاجتماعية. له قرابة 30 مؤلف وعدة مسرجيات. عمل كصحافي ودعا إلى استقلال المغرب والجزائر. فاز بجائزة نوبل للآداب سنة 1952.
أزهار العسل في روسهالدة
BY الروائي هيرمان هسه
8.0
المقال
سيرة ذاتية
Share
×
Article
أزهار العسل ضحى عبدالرؤوف المل تختلط المشاعر بالأفكار حين يختار أسامة منزلجي ترجمة عمل تمتلئ تعابيره صوراً، في حديقة ذات عطر قرنفلي أخاذ، فنتأمل عالم الحياة الذي نحيا به بتفكّر، لتتقلص أوجاعنا أمام أوجاع الآخرين، فرواية "روسهالدة " للروائي هيرمان هسه لوحة فنية ذات إطار طبيعي لمكان جميل، لكن يفتقد روح المحبة في تجسيد حي لخلفيات تركها تزهر حزناً. زمن حدده قبل عشر سنوات في الماضي الذي جعله يعيش الحاضر، وينتظر المستقبل في توحد فني أدبي وتشكيلي، فالألوان والخطوط وتحديد الكتل أبرز ما يميز الحبكة الروائية عند هيرمان، والمتحرك الضوئي الوحيد على مسرح اللوحة هو" بيير"، فالحركة جاءت مبنية في ترجمة فعالة تؤدي إلى نقطة وضعنا أنظارنا عليها" وكأن "بيير" هو الرواية التي يقف خلفها السارد "كان الصغير بيير حبيبا إلى قلب كلا والديه، وكان يشكل الرابط الوحيد بين الأب والأم" ليجعل منه صلة وصل بين كتلتين في لوحة واحدة هي "روسهالدة". إدراك، وصف، تحليل، وتفسير مراحل فهم العمل الفني في نقد ذاتي تحليلي للوحة رسمها في تركيب زمني وشكلي، ليستنفر اللاوعي في استحضار ذاكرته، فيضيء جوهر الذات الإنساني المشبع بالجمال، والمتحرر من قيود عائلية ثقيلة، وذاكرة مشبعة بوجع خلاق يدفعه نحو الإبداع" ليضع ذاته في ملونة يغسلها كلما انتهى من الرسم" إذن هذا هو منبع الدافع النهم بشكل خارق للرجل إلى الخلق، إلى القبض على العالم من جديد في كل ساعة بحواسه، وإخضاعه، وهذا أيضا هو منبع الحزن الغريب الذي غالبا ما تملأ به الأعمال الفنية العظيمة المشاهد الصامتة". يقول ويلسون: "لو اجتمعت الطبيعية والرمزية لتزودنا برؤية للحياة الإنسانية والعالم أكثر ثراء وتعقيداً واكتمالاً مما عرفه بشر من قبل" وقف أمام اللوحة وهو يحدق إلى سطحها الذي كانت ألوانه الطرية تعكس الضوء القوي، وظل هكذا دقيقتين أو ثلاث يحدق في صمت إلى أن دبت الحياة في اللوحة بأكملها، ليقدم لنا" صورة أليفة للواقع العنيف، بكامل عنفوانه" وفي هذا اختصار للوحة "روسهالدة" التي تجعلنا نرى العناصر الفنية المشتركة في تذوق الطبيعة، مع التحليل القادر على استكشاف العمق الأدبي لمعرفة الأشياء التي نجهلها، قال بامتعاض أزهار العسل، ثم صمت، كان قد اكتشف قبل زمن طويل أن أجمل الأشياء وأكثرها إثارة للاهتمام هي تلك التي يتعذر التعرف عليها أو فهمها". وهنا يتدخل الراوي في الضمير، في إبراز دواخل العمق النفسي لبيير، ونحن نشعر أن المتكلم هنا ما هو إلا فيراغوث، لتقف حركة السرد بوقوفه خلف السياج في وصف حسي لا علاقة له بحشد الطاقات لأداء العمل كما يقول، وليفقد العمل التوازن المكاني والزماني من قبل إلى بعد، ورموز فنية روائية مشتركة متناقضة بين البنية السطحية والبنية العميقة، فهو يحاول بعث الحياة في لوحة عاش فيها مع "بيير" في نص روائي انبثقت منه معالم الفن التشكيلي" وقف أمام اللوحة وهو يحدق إلى سطحها الذي كانت ألوانه الطرية تعكس الضوء القوي" فالمونولوج الداخلي لم يخل من سرد جعلنا نشعر بالاضطراب النفسي للسارد في خلفيات خارجية وداخلية، ولكن استطاع أن يجعل القارئ يتحاور معه في نشاط ذهني مشتعل . رسم لغوي وصفي سردي يظهر حالة اجتماعية، ومعاناة نفسية لفنان يعطي الحياة للجماد، ويأخذ الحياة من الأحياء، لأنه يستطيع محاورة اللون والمشهد الرؤيوي في خياله، فيخلق عملا فنياً يحيا فيه بسعادة، بينما يخفق في محاورة أفراد أسرته، وهذا أظهر للقارئ نشاطا تعبيريا حيا يفتقده الراوي وإن اعتمد المونولوج الداخلي أسلوباً للتعبير الروائي الناطق. يقول زولا: "العمل الفني ركن من الخليقة ينظر إليه من خلال مزاج الفنان" إن الأحاسيس الداخلية التي لامست مشاعرنا في الرواية اندفعت نحو الخارج، لتثير تأملات ميتافيزيقية في الوجود النفسي لكل شخصيات الرواية، فمشهد الكلب المضطرب الذي كان يتحرك بطريقة تثير مخاوفنا من موت الصغير صوره في أسلوب لحركة بديلة اصطنعها هيرمان في أبعاد ثلاثية تؤلف جزءاً من حقيقة الحياة، وهو يجلس أمام الطفل الميت، ليرسم معالم الموت، كي يعيد خلق لوحة مأساة لإبراز الحزن من خلال لون أصفر خريفي تراءى له في مزج رومانسي واقعي لينقل التأثير إلينا. إن أي فراغ بين كتلتين يحتاج إلى فضاء مشترك، لتتكون الحركة التي تبرز فاعلية الخيال في بناء العمل الفني، وهذا ما بنى عليه رؤيته الروائية التشكيلية "هيرمان" حتى في لوحة السمكتين، فهو هنا يؤكد لنا وجوده في العمل الفني في سلطة فنية تشكيلية" إن هذا الممر الرائع خلال الغابة يجب أن يرسم بحب، بقدر من الحب والعناية لا يصدران إلا عن أحد أساطين الرسم القدامى الممتازين" عندما نحى جانباً ملونه، وجلس مواجهة اللوحة، شعر بتوحد غريب، كان يعرف أن تلك اللوحة جيدة، وأنه قد أنتج عملاً رائعاً، لكنه من الداخل كان خاوياً مستنزفاً "فهل استطاع أن يرسم لوحة تشكيلية في لغة روائية هي "روسهالدة" بامتلاء داخلي، وحب حقيقي؟ Doha El Mol
×
الروائي هيرمان هسه
هرمان هيسه من مواليد يوم 2 يوليه 1877 فى كالف, مات يوم 9 اغسطس 1962. هيرمان هسه (بالألمانية: Hermann Hesse) ولد في كالف في ألمانيا في 2 يوليو 1877 وتوفي في مونتانيولا تيسن عام 9 أغسطس 1962؛ وهو كاتب سويسري من أصل ألماني، عاش بداية شبابه مع عائلته المحافظة وجوها المدافع عن البروتستانتية بشكل مفرط؛ وكان هذا السبب الذي دفعه للهرب والاستقلال عن السلطة العائلية والاعتماد على نفسه والانخراط في مجال العمل وبشكل قاسي، حيث بدأ عمله ساعاتيا ثم بائع كتب في مكتبة، بعدها اتخذ التأليف والكتابة منهجا في حياته وعمله، وتزوج ثلاث مرات. على الرغم من أن توجهه الأدبي في بادئ الأمر كان صوب الشعر إلا أنه في ما بعد ألف روايات فلسفية عديدة ومتنوعة؛ وكان يغلب على بعض الروايات طابع التفكر العقائدي المتشكك مثل رواية دميان؛ وحصل على جائزة نوبل في الأدب عام 1946.. كان هرمان متمردا بطبيعته ٬ يميل إلى الخيال ٬ ويتمسك بكل فكرة واردته٬ ويكون لنفسه عالما خاصا به ٬ يتفق وميوله.وقد تمرد أول ما تمرد على البيت وجوه الصارم ٬ ثم تمرد بعد ذلك على المدرسة.فقد دفعه والده إلى المدرسة اللاتينية (المدرسة الاولية)في كالف فبقى فيها أربع سنوات حتى عام 1890 .ثم انتقل بعد ذلك إلى جمنازيوم (المدرسة الثانوية) جوبنجن.يقول هرمان هيسه عن المدرسة في ذلك الوقت «لم أجد طوال الاعوام الثمانية التي قضيتها في المدرسة الا مدرسا واحد فقط احسست تجاهه بالحب والامتنان» كانت المدرسة في نظره هي العدو الذي يهجم عليه ويريد ان يفسد عليه حياته وموهبته. كان يريد أن يندمج في الطبيعة وان يندمج في كائناتها ليفهم حديث الزهور والحشرات والفراشات ٬ويتأمل الشجرة وهي تنمو والحيوان وهو يكبر ويعيش الطبيعة. بداهرمان يعالج الشعر وقد كتب عن ذلك يقول:«لقد تبينت بوضوح عندما بلغت الثالثة عشرة من عمرى اننى أما انا أصبح شاعرا أديبا أو لا أصبح لا شيئا على الإطلاق" وبعدما تمعق نفور هرمان من الدراسة وخروجه من المصحة النفسية التي كان بها وفيها بلغت أزمته مداها «أحساس بالعزلة رفض للدين رفض التقاليد رفض للدنيا» وبعدما فشلت التجربة الثانية التي عقبت خروجه من المصحة، صرف الاب النظر عن الدراسة ووجه إبنه إلى العمل فعمل في ورشة لتصليح الساعات من عام 1894 إلى عام 1895 ٬ الغريب أن هرمان هدأت نفسه في هذا العمل وتمكن من التغلب على مشاكله وعقده٬وعرف السبيل إلى الخلاص. وفي أكتوبر من عام 1895 انتقل هرمان إلى توبنجن للعمل في مكتبة بها. ولكن ركز أكثر جهده على القراءة وتثقيف نفسه وتطوير اسلوبه ومفاهيمه الفلسفية والجمالية. وبعدها ترك الوظيفة وحصل على وظيفة مشابهة في بازل. وفي بازل اتصل بالمؤرخ فاكر ناجل وعرفه بعدد من رجال الفكر. في مارس من عام 1901 سافر إلى إيطاليا للمرة الأولى. ولد هرمان هسه في الثاني من يوليو من العام 1877 في بلدة كالف التي تقع في شمال الغابة السوداء في مملكة فورتمبيرغ في تلك الفترة، تربى هرمان هسه على النزعة التقوية، وأظهر علامات أكتئاب خطيرة في السنوات الأولى من حياته. خدم والديه في الهند في بعثة تحت رعاية بعثة بازل، وهي جمعية تبشيرية مسيحية بروتستانتية، أمه «ماريا جندرت» ولدت في بعثة مماثلة في الهند في عام 1842، وصفت ماريا طفولتها بأنها لم تكن سعيدة، مثلها في ذلك المبشرين في تلك الفترة، وعندما بلغت الرابعة تركها والديها في أوروبا وذهبا في بعثة تبشيرية إلى الهند. والد هسه «يوهانس هسه» ولد في عام 1847 في بلدة بايده الإستونية لوالد طبيب، وينتمي يوهانس هسه إلى الأقلية الألمانية في منطقة بحر البلطيق التي كانت حينها جزءً من الإمبراطورية الروسية، وبالتالي فابنه هرمان كان عند الولادة مواطناً في الإمبراطورية الروسية والألمانية أيضاً. كان لهسه خمسة أشقاء، اثنين منهم توفوا في سن الطفولة، وفي عام 1873 انتقلت عائلة هسه إلى كالف حيث عمل والده هناك في دار نشر كالف، وهي دار نشر متخصصة في النصوص اللاهوتية والكتب المدرسية، حيث كان جد هسه «هرمان جندرت» يدير دار النشر في ذلك الوقت. في مجموعته (Gerbersau) يصف هرمان هسه بعض التجارب من طفولته وشبابه في كالف، في تلك المدينة كان جسر سانت نيكولاس المكان المفضل لهسه في كالف، ولهذا اختار النحات كورت تاسوتي ذلك المكان ليضع فيه نصب تذكاري لهسه.
رواية المنعطف
BY الروائي غيربرند باكر
8.0
المقال
سيرة ذاتية
Share
×
Article
رواية «المنعطف» للهولندي غيربرند باكر: الحياة من خلال عزلة إيميلي ديكنسون ضحى عبدالرؤوف المل استطاع الروائي غيربرند باكر تخصيب روايته «المنعطف» ــ صدرت عن شركة المطبوعات للتوزيع والنشر ــ بمجموعة شعرية لإيميلي ديكنسون وبازدواجية رمزية يشير من خلالها إلى صلابة التجديد في اللغة الروائية وخطابها القائم على الجمع بين الماضي والحاضر والمستقبل، كذلك على ثنائية الزمن في قصة تجمع القوة الشعرية بالحدث الروائي، وبإصرار المرأة على خلق مرونة زمنية تعيد من خلالها حساباتها وفق عزلة فرضتها على نفسها أوقعتها في شباك حيوان الغرير ــ من فصيلة ابن عرس ــ والإوزات اللواتي يتناقصن كما سنين العمر التي تغتالها الأحداث المتعددة في الحياة. وما اندماج القصيدة مع الرواية وحركتها في «المعطف» إلا اندماج الإنسان مع سنين عمره، رغم المنعطفات القاسية التي يتعرض لها، وغالبا ما تؤدي إلى خسارة حياته بإكملها، لكن تبقى القدرة على التجدد والخروج من بوتقة المنعطفات نحو فسحات جمالية تجعلنا نستعيد ما سرقته منا السنون. لحظات ديكنسون الهاربة الإنسان ابن بيئته ومحيطه المؤثر على مسار حياته الشبيه بالأوزات في مزرعة هربت إليها أغيس، لتعيش تفاصيل لحظات تشبه إلى حد ما حياة إيميلي ديكنسون مستكشفة كل مقطع صوتي وكل معنى تفردت به في لحظة تجسدت في بيت ذي عطر امرأة كبيرة السن، تعيد لسني عمرها حسابات لن تصحح الماضي. لكن لتمضي نحو الموت كما تشاء هي، لا كما يشاء الآخرون من حولها. فهل الرواية هي النص الوفي لخصائص قصيدة تتم دراستها بتوحد وتلاحم مع ما يوازيها أدبيا؟ تتشكل في الرواية الأبعاد الأنثروبولوجية والإدراك المعرفي بشاعرة تواءمت أحداث حياتها مع بطلة الرواية التي تشكل دراستها عنها الأسس العملية في الدراسة النقدية غير النظرية. تخدم رواية المنعطف الأفكار النقدية التي تتم من خلالها دراسة حياة شاعر ما، أو حتى تحليل مسار حياته بتفاعل بين المقاطع الشعرية وانعكاساتها، وفق الخروج عن أسلوب أكاديمي بحت تجسّد مع دكتورة شاءت الصدف أن تختار العزلة التي اختارتها أيميلي ديكنسون، واستطاعت من خلال ذلك إعادة تكوين رؤية لمقاطع صوتية في قصائد تكونت من حدث مشبع بالفعل الذي قامت به أيميلي مع من تحب أو تعشق بقوة، أو مع ذكريات تركتها بعد أن قطعت الحياة بابتعادها كليا عن محيط خارجي، ولم يتم نشر قصائدها إلا بعد موتها «هل كان ذلك ما فعلته أيميلي ديكنسون في معظم حياتها البالغة؟ هل حاولت إيقاف الوقت وجعله محتملا، وربما أيضا أقل توحدا من خلال احتجازه في مئات القصائد؟ ليس الوقت وحده، بل معه أيضا الحب والحياة، بل حتى الطبيعة». فالمناظر الطبيعية في القرية التي اختارتها وهي إنكليزية ابنة مدينة لجأت إلى الريف محاولة التحدث بلكنة هولندية مستكشفة الروح الإنسانية من خلال كلب برادوين المماثل لكلب أيميلي الضخم، إضافة للإوزات والأبقار والخنازير. لتخرج من حالة تعاسة أصابتها بعد مرور عمر تهدم بلحظة، حدث لا يعني للآخرين أكثر من حوافز مادية ونفعية، أدت بشكل فاضح إلى هروبها نحو الطبيعة، والبقاء فيها سرا بعد إصابتها بالمرض العضال الذي أودى بحياتها. ديكنسون في زمن آخر تتشكل في الرواية الأبعاد الأنثروبولوجية والإدراك المعرفي بشاعرة تواءمت أحداث حياتها مع بطلة الرواية التي تشكل دراستها عنها الأسس العملية في الدراسة النقدية غير النظرية، كتلك التي قدمها هايغر وشعرت بالحنق من ذلك لأنها اكتشفت أن «امرأة صغيرة القد، خجولة، وصديقها الوحيد كلب كبير، وهايغر لم يبال» وهذا يقلب الموازين ربما بين الدراسات النقدية الأكاديمية والرؤية الاستكشافية في النقد، الذي يسلط الضوء على حياة كاتب أو شاعر أو روائي أو حتى مخرج سينمائي. فهل يحتفظ الشاعر بالوقت من خلال قصيدة كتبها؟ وهل تشكل قصيدة ما مفتاحا لحل لغز فشل الماضي عن إيجاد الحلول له، إلا في حاضر يحمل عدة علامات استفهام؟ رواية نموذجية محبوكة سرديا بجمالية رحلة المعرفة والدافع العاطفي الذي يجعل القارئ يتابع الأسطر بخصوبة مخيلة، وضمن مسافات دقيقة ذات سمات حياتية ريفية لامرأة من المدينة تتبع حياة شاعرة باعتبارها حقيقة ثابتة من خلال قصائدها التي تم الكشف عنها بعد وفاتها، وهي أي بطلة الرواية، إن لم نقل بالتزامن لإنتاج معرفة نقدية جديدة تتولد منها رواية تشكل المنعطف فعلا في النقد والرواية، وحرفية الوصف الذي أخرجه من حالة الموضوعية إلى الذاتية وباستراتيجيات تمثيلية، تمجد الأدب وتضعه في أطر الحداثة بعيداً عن التقليد حتى في النقد «شعرت فجأة بالحنق، ليس فقط على كاتب السيرة. النمام القديم، بل على ديكنسون أيضا: المرأة النائحة التي اختبأت في منزلها وحديقتها، وأصرت على أن يتجاهلها الناس، عبر كل ما فعلته وما لم تفعله، لكنها في الوقت نفسه سعت، كالطفل المتفجع، كي يعترف الناس بها، ولا سيما أولئك الذين أظهرت تجاههم عاطفة جياشة .عبر رسائلها بالتحديد». وبذلك قدم غيربرند باكر من خلال روايته «المنعطف» رؤيته لحياة شاعرة تجمد الزمن في وجودها وسار بعد موتها محملا محيطها أسباب عزلته، وإن ضمن سرد روائي تجتمع فيه الرؤية النقدية بأسلوب روائي انطباعي الرؤية، عبر واقع متخيل ناتج عن قصيدة بحثت من خلالها بطلة الرواية عن أسبابه ومميزاته والقدرة على استرجاعه من الزمن الذي حدث فيه، ليتكون عبر الواقع أمامها، معتبرة أن حياة بعض الأشخاص تتكرر في زمن آخر وضمن فروقات تشهد عليها إبداعاتهم. Doha El Mol
×
الروائي غيربرند باكر
Gerbrand Bakker (novelist) جيربراند باكر (من مواليد 28 أبريل 1962) كاتب هولندي. حصل على جائزة دبلن الأدبية الدولية عن روايته التوأم، وجائزة الخيال الأجنبي المستقلة عن روايته The Detour، الترجمة الإنجليزية لروايته De omweg. تمت ترجمة الروايتين بواسطة الفائز المشارك ديفيد كولمر. سيرة شخصية باكر يعمل بستانيًا، وقد حصل على رخصة البستنة في عام 2006. يقول أن الكتابة والبستنة متوافقان. يعمل باكر كمدرب تزلج في الشتاء.عمل سابقًا كمترجم للتلفزيون الهولندي، وخاصة في المسلسل الأمريكي The Bold and the Beautiful. قال باكر: "إنهم يثرثرون ويثرثرون، لكن لديك سبع ثوانٍ فقط للترجمة على الشاشة. هذا ما علمني إياه الجريء والجميل. لقد تعلمت ترك الأشياء جانبًا." ومن بين كتبه المفضلة البحر. ، البحر، الغرفة الجميلة فارغة، ويني ذا بوه، والريح في الصفصاف. يكره الطيران. في عام 2002، كان باكر يتنزه عبر الجبال أثناء إجازته في كورسيكا عندما فكر لأول مرة في فيلم التوأم. لقد فكر في الابن الذي قد "يفعل شيئًا فظيعًا لوالده" لكنه أصيب "بالإحباط" عندما فشلت الفكرة في التقدم أكثر حتى بدأ ذات يوم في الكتابة بشكل عشوائي. تم نشر Boven is het stil في عام 2006 وتبعتها ترجمتها الإنجليزية بعنوان The Twin في عام 2008يمكن ترجمة عنوان الرواية الهولندي إلى "في الطابق العلوي، كل شيء هادئ". رشحت مكتبات أمستردام ولاهاي وأوترخت وأيندهوفن رواية التوأم لجائزة دبلن الأدبية الدولية استلمها باكر في دبلن في 17 يونيو 2010. كان أول كاتب هولندي يفوز بالجائزة، وهي الجائزة الأدبية الفردية الأكثر ربحًا في العالم، وتبلغ قيمتها 100 ألف يورو. هزم التوأم 155 لقبًا من أكثر من 40 دولة.[6] وقال الحكام إن كتاباته كانت "رائعة: منضبطة وواضحة" وأن باكر "يبرع في الحوار". كما تلقى التوأم الثناء من جي إم كوتزي. وتحدث باكر عن ضرورة "الاستلقاء لبعض الوقت" عندما أعلن فوزه وقال "إنه أمر رائع". اختار عدم إلقاء خطاب، وقام بدلاً من ذلك بتشغيل شريط تسجيل لأغنية "Waar is de zon؟"، وهي المشاركة الهولندية في مسابقة الأغنية الأوروبية 1994 (والتي حدثت أيضًا في دبلن( ونسب باكر الفضل إلى ديفيد كولمر في مساعدتي "في إدراك أنه كتاب بالفعل، وأنا كاتب". ترجم كولمر الكتاب من أصله الهولندي إلى اللغة الإنجليزية وحصل على 25000 يورو من الجائزة المالية لجهوده. قال باكر إنه يخطط لشراء حصان رمادي هولندي بأمواله "أنا فقط أحب هذه الوحوش الكبيرة". المصدر ويكيبيديا رواية «المنعطف» للهولندي غيربرند باكر: الحياة من خلال عزلة إيميلي ديكنسون ضحى عبدالرؤوف المل استطاع الروائي غيربرند باكر تخصيب روايته «المنعطف» ــ صدرت عن شركة المطبوعات للتوزيع والنشر ــ بمجموعة شعرية لإيميلي ديكنسون وبازدواجية رمزية يشير من خلالها إلى صلابة التجديد في اللغة الروائية وخطابها القائم على الجمع بين الماضي والحاضر والمستقبل، كذلك على ثنائية الزمن في قصة تجمع القوة الشعرية بالحدث الروائي، وبإصرار المرأة على خلق مرونة زمنية تعيد من خلالها حساباتها وفق عزلة فرضتها على نفسها أوقعتها في شباك حيوان الغرير ــ من فصيلة ابن عرس ــ والإوزات اللواتي يتناقصن كما سنين العمر التي تغتالها الأحداث المتعددة في الحياة. وما اندماج القصيدة مع الرواية وحركتها في «المعطف» إلا اندماج الإنسان مع سنين عمره، رغم المنعطفات القاسية التي يتعرض لها، وغالبا ما تؤدي إلى خسارة حياته بإكملها، لكن تبقى القدرة على التجدد والخروج من بوتقة المنعطفات نحو فسحات جمالية تجعلنا نستعيد ما سرقته منا السنون. لحظات ديكنسون الهاربة الإنسان ابن بيئته ومحيطه المؤثر على مسار حياته الشبيه بالأوزات في مزرعة هربت إليها أغيس، لتعيش تفاصيل لحظات تشبه إلى حد ما حياة إيميلي ديكنسون مستكشفة كل مقطع صوتي وكل معنى تفردت به في لحظة تجسدت في بيت ذي عطر امرأة كبيرة السن، تعيد لسني عمرها حسابات لن تصحح الماضي. لكن لتمضي نحو الموت كما تشاء هي، لا كما يشاء الآخرون من حولها. فهل الرواية هي النص الوفي لخصائص قصيدة تتم دراستها بتوحد وتلاحم مع ما يوازيها أدبيا؟ تتشكل في الرواية الأبعاد الأنثروبولوجية والإدراك المعرفي بشاعرة تواءمت أحداث حياتها مع بطلة الرواية التي تشكل دراستها عنها الأسس العملية في الدراسة النقدية غير النظرية. تخدم رواية المنعطف الأفكار النقدية التي تتم من خلالها دراسة حياة شاعر ما، أو حتى تحليل مسار حياته بتفاعل بين المقاطع الشعرية وانعكاساتها، وفق الخروج عن أسلوب أكاديمي بحت تجسّد مع دكتورة شاءت الصدف أن تختار العزلة التي اختارتها أيميلي ديكنسون، واستطاعت من خلال ذلك إعادة تكوين رؤية لمقاطع صوتية في قصائد تكونت من حدث مشبع بالفعل الذي قامت به أيميلي مع من تحب أو تعشق بقوة، أو مع ذكريات تركتها بعد أن قطعت الحياة بابتعادها كليا عن محيط خارجي، ولم يتم نشر قصائدها إلا بعد موتها «هل كان ذلك ما فعلته أيميلي ديكنسون في معظم حياتها البالغة؟ هل حاولت إيقاف الوقت وجعله محتملا، وربما أيضا أقل توحدا من خلال احتجازه في مئات القصائد؟ ليس الوقت وحده، بل معه أيضا الحب والحياة، بل حتى الطبيعة». فالمناظر الطبيعية في القرية التي اختارتها وهي إنكليزية ابنة مدينة لجأت إلى الريف محاولة التحدث بلكنة هولندية مستكشفة الروح الإنسانية من خلال كلب برادوين المماثل لكلب أيميلي الضخم، إضافة للإوزات والأبقار والخنازير. لتخرج من حالة تعاسة أصابتها بعد مرور عمر تهدم بلحظة، حدث لا يعني للآخرين أكثر من حوافز مادية ونفعية، أدت بشكل فاضح إلى هروبها نحو الطبيعة، والبقاء فيها سرا بعد إصابتها بالمرض العضال الذي أودى بحياتها. ديكنسون في زمن آخر تتشكل في الرواية الأبعاد الأنثروبولوجية والإدراك المعرفي بشاعرة تواءمت أحداث حياتها مع بطلة الرواية التي تشكل دراستها عنها الأسس العملية في الدراسة النقدية غير النظرية، كتلك التي قدمها هايغر وشعرت بالحنق من ذلك لأنها اكتشفت أن «امرأة صغيرة القد، خجولة، وصديقها الوحيد كلب كبير، وهايغر لم يبال» وهذا يقلب الموازين ربما بين الدراسات النقدية الأكاديمية والرؤية الاستكشافية في النقد، الذي يسلط الضوء على حياة كاتب أو شاعر أو روائي أو حتى مخرج سينمائي. فهل يحتفظ الشاعر بالوقت من خلال قصيدة كتبها؟ وهل تشكل قصيدة ما مفتاحا لحل لغز فشل الماضي عن إيجاد الحلول له، إلا في حاضر يحمل عدة علامات استفهام؟ رواية نموذجية محبوكة سرديا بجمالية رحلة المعرفة والدافع العاطفي الذي يجعل القارئ يتابع الأسطر بخصوبة مخيلة، وضمن مسافات دقيقة ذات سمات حياتية ريفية لامرأة من المدينة تتبع حياة شاعرة باعتبارها حقيقة ثابتة من خلال قصائدها التي تم الكشف عنها بعد وفاتها، وهي أي بطلة الرواية، إن لم نقل بالتزامن لإنتاج معرفة نقدية جديدة تتولد منها رواية تشكل المنعطف فعلا في النقد والرواية، وحرفية الوصف الذي أخرجه من حالة الموضوعية إلى الذاتية وباستراتيجيات تمثيلية، تمجد الأدب وتضعه في أطر الحداثة بعيداً عن التقليد حتى في النقد «شعرت فجأة بالحنق، ليس فقط على كاتب السيرة. النمام القديم، بل على ديكنسون أيضا: المرأة النائحة التي اختبأت في منزلها وحديقتها، وأصرت على أن يتجاهلها الناس، عبر كل ما فعلته وما لم تفعله، لكنها في الوقت نفسه سعت، كالطفل المتفجع، كي يعترف الناس بها، ولا سيما أولئك الذين أظهرت تجاههم عاطفة جياشة .عبر رسائلها بالتحديد». وبذلك قدم غيربرند باكر من خلال روايته «المنعطف» رؤيته لحياة شاعرة تجمد الزمن في وجودها وسار بعد موتها محملا محيطها أسباب عزلته، وإن ضمن سرد روائي تجتمع فيه الرؤية النقدية بأسلوب روائي انطباعي الرؤية، عبر واقع متخيل ناتج عن قصيدة بحثت من خلالها بطلة الرواية عن أسبابه ومميزاته والقدرة على استرجاعه من الزمن الذي حدث فيه، ليتكون عبر الواقع أمامها، معتبرة أن حياة بعض الأشخاص تتكرر في زمن آخر وضمن فروقات تشهد عليها إبداعاتهم. Doha El Mol
«
1
2
3
4
5
»